الثلاثاء , مايو 13 2025
الدكتور عمار على حسن

عن شقق الإيجار القديم

اقترحت بالأمس على “الحركة المدنية الديمقراطية” عقد ورشة عمل عاجلة حول موضوع “إيجارات السكن القديمة”، يتم فيها الاستماع إلي ممثلين للطرفين، الملاك والمستأجرين، ومعهم علماء اقتصاد واجتماع ومختصين في قضايا الإسكان وقانونيين، ثم تقديم تصور سريع إلى الناس والحكومة

خوفا من انفجار اجتماعي قد ظلت السلطة السياسية تنظر إلى استفادتها المالية هي من القانون

دون نظر إلى مصلحة المستأجرين والملاك، الذين قد يجدون أنفسهم أيضا خاسرين

حين تحصل منهم الحكومة باليسار على ما يحصلون هم عليه من المستأجرين باليمين.

وأود هنا، أن أوضح أشياء تخصني، هي:

1 ـ شقتي تمليك، والحمد لله، اشتريتها قبل ربع قرن من حصاد أربع سنوات من الكدح في دول خليجية

وعرضت علي وقتها أرض أسقعها وأبيعها لكنني رفضت المبدأ، مهما كان الربح، لأن حائزي الأرض

كانوا أصحاب حظوة أعطتهم السلطة الأرض رشوة، ليغرفوا أموال العائدين من الكدح أمثالي

بلا أي جهد، في لعبة جهنمية، لا تزيد عن كونها سرقة بقوانين مشبوهة.

2 ـ ورثت زوجتي شقة صغيرة “إيجار قديم” في حي المنيل في عمارة من أربعينيات القرن العشرين

ولم نكن بحاجة إليها، فتركناها للمالك مقابل الحصول على ما أنفقته عليها من مال لقاء تجديدها

فقد وجدت أنه لا يليق أخلاقا ولا شرعا أن أحبس سكنا لا أحتاجه، يمكن أن يوسع على آخر من عباد الله.

ولم يكن من الصعب التحايل على كونها خالية، كما يفعل كثيرون.

كان الإيجار الرسمي للشقة 12 جنيها شهريا، كما يدفع الجيران، إلا أنني كنت أدفع ستين

جنيها من عندي للمالك، ثم تركتها له. لكن لو لم تكن لي شقة أخرى غيرها

كنت بالطبع سأظل فيها، مثلما يفعل أولئك الذين ليست لديهم بدائل، وأتفهم حالهم وموقفهم.

أتذكر مداعباتي ومناقشاتي مع المالك عندما كنا نلتقي ليحصل على الإيجار سنويا

حين كنت أسأله عن “خلو الرجل” الذي حصل عليه أبوه، وأقول له: نقومه بالدولار أيامها، أو حتى بكيلو اللحم

ونقيم الإيجار الشهري كذلك، ووقتها ربما تجد أن أباك حصل على ثمن العمارة مرات عديدة

كما أنني أعرف أن بعض الشقق قد خلت قانونا بعد أن مات الوريث الأول، وسلمها لك الأحفاد

فأعدت بيعها بملايين، وحال انهيار العمارة، ستعود لك الأرض، ولترى كم يبلغ ثمنها.

وكنت قد عرضت عليه مرارا شراء الشقة تمليك، وأكتبها باسم زوجتي، لكنه رفض.

كان يبتسم ويشكو لي سوء حال أولاده لقاء الإيجار الزهيد، ولم يكن يكذب، وكنت أجد نفسي

أمام حال غريبة، تبحث عن نقطة توازن عادلة، بين مستأجرين جار عليهم الزمن

وملاك لا يجد بعضهم شقة لابنه أو حفيده.

ما يهمني الآن، ولست صاحب مصلحة، ألا أجد ملايين الناس في الشوارع بلا مأوى، أو أسرًا عاجزة

عن دفع إيجار يتصاعد، وملاكًا ينظرون بغضب إلى مستأجرين، وقد يدخل الناس في مواجهات

أو يلجأون إلى طرق ملتوية.

يهمني ألا يحدث اضطراب اجتماعي في بلد يقف على الحافة.

اضطرب سيضر بنا جميعا، مع سلطة لا تنظر في الأمور والأشياء إلا بما تدره عليها من مال

في ظل سياسة الجباية، دون أي حساب لأي أعراض جانبية ولو كانت مدمرة.

شاهد أيضاً

السيدة العذراء

عيد ميلاد السيدة العذراء : أم النور ومباركة الأجيال!

 د. ماجد عزت إسرائيل تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في الأول من بشنس (9 مايو) بعيد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.