قال وزير الخارجية اليوناني، في مستهل تصريحاته عقب لقائه مع نظيره المصري في القاهرة:«علاقتنا مع مصر عميقة وقد اكتسبت طابعًا استراتيجيًا.
ناقشنا اليوم القضايا المتعلقة بدير القديسة كاترين في جبل سيناء، واتفقنا على العمل في الفترة المقبلة
على ترسيخ حقوق الدير، وكذلك على تحديد كيانه وشخصيته القانونية.
إن نية كلٍّ من مصر واليونان هي المضي قدمًا على أساس التقاليد الممتدة لقرون، والوضع القائم القائم بالفعل،
لهذا الدير الرمزي بطابعه العبادي اليوناني الأرثوذكسي».
وأكدت مصادر دبلوماسية يونانية عقب الاجتماعات الموسعة التي جرت في القاهرة بشأن مستقبل
دير سانت كاترين، أن المحادثات جرت في أجواء «مثمرة» رغم اختلاف المنطلقات القانونية والسياسية.
وأوضحت تلك المصادر أن الجانب اليوناني شدد على ضرورة احترام الوضع القائم للدير
من منظور القانون الدولي والإرث الثقافي العالمي، إلى جانب مراعاة مكانته الروحية الفريدة.
كما أشارت القنوات والصحف اليونانية (ERT News، ThePressRoom، AlphaTV، ProtoThema وغيرها)، إلى أن الجانب المصري قدّم شرحًا مفصلاً للتعقيدات القانونية المحيطة بالملف
فيما اتفق الجانبان على مواصلة العمل التقني خلال الأيام المقبلة، من أجل بلورة تصور مشترك
حول آليات التعامل مع القضية.

دير سانت كاترين 
دير سانت كاترين 
دير سانت كاترين
وفي هذا السياق، جدّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وكذلك الحكومة المصرية، التزامهما الصريح
بضمان استمرار نشاط الدير دون أية عوائق، وصون طابعه اليوناني الأرثوذكسي، على أن يُبحث ملف الملكية العقارية في مرحلة لاحقة.الوفد اليوناني
من جانبه، دعا إلى حماية الوضع القائم للدير، محذرًا من أن سلبه الأراضي المحيطة به سيجعل من استمرارية الدير واستقلاليته أمرًا شبه مستحيل.
وتجدر الإشارة إلى أن الوفد اليوناني ضم مسؤولين من وزارات الخارجية والثقافة والتعليم
بقيادة وزير الخارجية جورج غيرابيتريتيس، الذي التقى نظيره المصري في أجواء وُصفت بالإيجابية.
مصادر مطلعة أفادت لمراسل قناة ERTNews أن هناك أفكارًا ومقترحات قيد النقاش، لكن الحل
لن يكون قانونيًا بحتًا، بل يرتبط بخيارات سياسية واسعة، وهو ما يفسر الحضور الرفيع للمسؤولين
في هذه الجولة من المفاوضات.
كما نقلت مصادر دبلوماسية عن غياب أي اتفاق نهائي بعد، في ظل معادلة صعبة فرضها
قرار قضائي مصري يفصل بين الجانب الديني للدير وملكيته العقارية، ما يجعل التحدي القائم
يتعدى إطار القانون ليأخذ طابعًا سياسيًا خالصًا.
ويُذكر أن زيارة وزير الخارجية اليوناني إلى القاهرة جاءت تحديدًا لإيجاد مخرج سياسي يراعي البُعدين.
تفاعل سياسي داخلي واسع في اليونان وعلى هامش اللقاءات، شدّد المتحدث الرسمي
باسم الحكومة اليونانية، باڤلوس ماريناكيس، على أنّ أثينا تدعم من جميع النواحي الحقوق التاريخية لدير القديسة كاترين
معتبرًا أن «القرار القضائي الأخير الذي فُسّر على نحو متعجل، لم يتناول مسألة الملكية بشكل مباشر
ومن الضروري توقيع اتفاق يضمن استمرار عمل الدير».في السياق ذاته، أوضح نائب الوزير
لدى رئاسة الحكومة، ثاناسيس كونتوغيورغيس، أن ما يهم أثينا هو «تجديد الالتزام بالاتفاق والتصريحات العلنية
بين زعيمي البلدين في لقاء السابع من مايو، خاصة في ما يتعلّق بالحفاظ على الطابع العبادي والحجّي للدير»،
مشيرًا إلى استمرار المفاوضات الفنية وارتقائها إلى أعلى المستويات الدبلوماسية.الانتقادات الداخلية
وتصاعد الخطاب البرلماني لم تقتصر أصداء الملف على الطابع الدبلوماسي، بل أثارت نقاشًا سياسيًا حادًا
داخل الساحة اليونانية، حيث وجّهت المعارضة انتقادات لاذعة للحكومة متهمةً إياها بسوء إدارة القضية
بينما شددت الحكومة على تمسكها باتفاق ٧ مايو الذي جمع رئيس الوزراء اليوناني بنظيره المصري.
من جانبه، وجه نيكوس أندرولاكيس، رئيس حزب باسوك، انتقادات لاذعة للحكومة قائلًا:
«العالم الأرثوذكسي بأسره يتحرك، وردّ المتحدث الحكومي هو أننا تسرّعنا؟ هذا تجاوز غير مقبول.
لو لم تكن هناك مشكلة، لما كانت الحكومة قد أرسلت وفدًا كاملاً إلى القاهرة لإجراء مفاوضات جديدة».
وأكد عزمه على زيارة مصر يوم الخميس ولقاء كل من بطريرك الإسكندرية، ورئيس أساقفة سيناء، وممثّلي الدير.
وفي السياق ذاته، وجّه رئيس حزب سيريزا، سوكراتيس فاميلوس، رسالة إلى رئيس البرلمان
مقترحًا تشكيل بعثة برلمانية متعددة الأحزاب لزيارة الدير، مؤكدًا أن هناك تقصيرًا حكوميًا واضحًا
ومطالبًا بتدخل البرلمان لحماية مكانة الدير بالنسبة للهوية اليونانية والأرثوذكسية.
في المقابل، حمّل النائب نيكوس كاراثاناسوبولوس
عن الحزب الشيوعي (KKE) الحكومة المسؤولية، متهمًا إياها بـ”التفريط” لصالح مصالح استثمارية في المنطقة.
أما رئيس حزب “الحل اليوناني”، كيرياكوس فيلوبولوس، فقد خاطب المعارضة قائلًا: «فوق كل أيديولوجيا، هناك الواجب الوطني.
لا مجال للتشكيك في الفرمانات الإمبراطورية».
بدوره، حمّل النائب نيكوس كاراثاناسوبولوس عن الحزب الشيوعي اليوناني (KKE)
الحكومة مسؤولية “التفريط” بمكانة دير سانت كاترين لحساب مصالح استثمارية
فيما قال رئيس حزب “الحل اليوناني”
كيرياكوس فيلوبولوس:«فوق كل أيديولوجيا هناك المصلحة الوطنية.
لا أحد يملك الحق في التشكيك في الفرمانات الإمبراطورية (الذهبية) التي تثبّت حقوق الدير.»
أما ديميتريس ناتسيوس، رئيس حزب “النصر”، فصرّح بأنه لا يثق بوزير الخارجية اليوناني الحالي على رأس الوفد.
وصرّح ألكساندروس كازامياس من حزب “مسار الحرية” أن الحكومة تتعامل مع ملف الدير باستخفاف
غير مقبول، بينما رأى ڤاسيليس ستينغاس، رئيس حزب “الأسبرطيون”، أن “السياسة الخارجية لليونان تكاد تكون معدومة”.
وفي الختام، شددت الدوائر الرسمية في أثينا على ضرورة الحفاظ على ما تم الاتفاق عليه بين زعيمي البلدين، باعتباره حجر الزاوية لأي تفاهم مستقبلي يحمي مكانة الدير ويصون طابعه الديني والتاريخي.
جريدة الأهرام الجديد الكندية
