الجمعة , يوليو 18 2025
الكنيسة القبطية
الراهب بولس المقاري

الراهب بولس المقاري.. ستة عقود على رحيل متوحد بصعيد مصر

واصف ماجد

تستعيد الكنيسة القبطية في يونيو من كل عام، ذكرى رحيل أحد رهبانها المتوحدين ممن تركوا بصمة عميقة الأثر في الذاكرة الكنسية المعاصرة: الراهب بولس المقاري، الذي توفي في 16 يونيو 1965، بعد حياة امتدت

لنحو 66 عامًا، تميزت بالزهد، العزلة، والانخراط في حياة نسكية صارمة بعيدًا عن الأضواء.

نشأة صعيدية ومسار رهباني

وُلد الراهب باسم “حنين صليب” عام 1899م، في مركز سمالوط بمحافظة المنيا، لأسرة مسيحية تقليدية.

واتجه مبكرًا إلى الحياة الرهبانية، حيث التحق بدير القديس الأنبا مقار بوادي النطرون

وهو أحد أقدم الأديرة في مصر، واكتسب اسم “الراهب بولس المقاري”

تيمّنًا بالقديس بولس ( الأنبا بولا ) أول السواح.

منذ بداياته، أظهر ميولًا واضحة نحو حياة الانعزال الروحي، مبتعدًا عن العمل الإداري أو المظاهر العامة

مفضلًا سكنى المغارات والانخراط في الصلاة والتأمل لفترات طويلة.

من دير الأنبا مقار إلى مغارات نجع حمادي

عقب سنوات في الدير، انتقل إلى دير العزب كراهب متوحد بعيدا عن الناس ، ثم أقام لاحقًا

في إحدى مغارات نجع حمادي لفترة غير محددة، وذاع صيته في بعض المناطق الصعيدية كرجل صلاة وهدوء.

لم يعرف عنه التدخل في القضايا العامة أو الحراك الكنسي، لكن بعض أبناء القرى التي خدم بها استمروا

في نقل روايات عن تقواه، ومساعدته في أمور رعوية محدودة، مثل مساهمته في ترميم كنيسة العذراء

بالعسيرات بمحافظة سوهاج.

ووفق ما نُقل عن مقربين له، فقد شجع على الترميم استجابة لما وصفه بـ”رؤية داخلية”

دون الخوض في تفاصيل متعلقة بطبيعتها، وهو ما تجاوب معه شعب الكنيسة في حينه

تقديرًا لما كان يتمتع به من ثقة واحترام.

الكنيسة القبطية

علاقات محدودة وتأثير شخصي

كانت علاقة الراهب بولس المقاري بعدد من الشخصيات الرهبانية معروفة، أبرزها الأب عبد المسيح المناهري

أحد الرهبان المعروفين في الذاكرة الشعبية القبطية، واللذَين يُقال إنهما اعتادا قضاء أسبوع الآلام

في خلوة روحية خاصة بعيدًا عن المجتمعات الديرية المنظمة.

ورغم ندرة ظهوره، إلا أن من تعاملوا معه أو اقتربوا من خدمته أشاروا إلى طابع شخصي

يتميز بالصمت، وضبط النفس، والانصراف عن المجادلات أو المواقف العامة

وهو ما جعل حضوره الروحي غالبًا على سيرته العامة.

الوفاة والدفن بناءً على وصية

توفي أبونا بولس المقاري في 16 يونيو 1965، ودفن بناءً على وصيته في مدافن الأقباط القبلية

بجوار دير الأنبا شنودة الغربي بسوهاج، وليس في دير الأنبا مقار، حيث ترهب.

ويرقد بجواره لاحقًا الأنبا تيموثاوس، أحد تلاميذه، الذي أشار في كتاباته إلى صفحات من حياته

دون التوسع في تأريخها بشكل منهجي.

بعد ستين عامًا.. حضور رمزي

لا يُعتبر الراهب بولس المقاري من الشخصيات الكنسية التي لعبت أدوارًا تنظيمية أو رعوية بارزة

ولم تُسجل له مواقف في الأضواء أو الأحداث الكنسية، إلا أن سيرته تُتداول على نطاق محدود داخل

بعض الأوساط الرهبانية والروحية، خصوصًا في محافظات الصعيد، حيث ما تزال ذكراه مرتبطة

بالزهد والعزلة الرهبانية.

ومع مرور ستة عقود على رحيله، تظل قصته واحدة من الحالات التي تمثل النموذج الكلاسيكي

للرهبان المتوحدين في الكنيسة القبطية، الذين اختاروا الصمت طريقًا، والتراث الشفهي وسيلة لبقاء أثرهم.

شاهد أيضاً

Abdel Fattah El-Sisi

بعد قرار فض البرلمان..ملاك الإيجار القديم يستعدون توجيه إنذارات للمستأجرين والجميع في انتظار القانون

فتح قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بفض دور انعقاد مجلس النواب، دون التصديق على التعديلات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.