الجمعة , مارس 29 2024
مجدي خليل
مجدى خليل

مهزلة تهجير الأقباط رسالة عاجلة إلى الدولة المتواطئة .

قرية كفر درويش هى قرية صغيرة فى مركز الفشن بمحافظة بنى سويف يسكنها حوالى 550 أسرة مسلمة و 275 أسرة مسيحية، تفجرت بها أزمة حادة فى الأيام القليلة الماضية، حيث أتهم بعض المسلمين، الشاب أيمن يوسف توفيق مقار،( 28 سنة ويعمل بالأردن كعامل) بأنه وضع صورة مسيئة للإسلام على الفيس بوك، أتصل به البعض فقال لهم أنه لا يجيد القراءة أو الكتابة ولم يدخل المدرسة أصلا وساتحدث مع زميلى الذى انشأ هذه الصفحة ليحذفها لأننى لم اضعها اصلا، وهو ما تم بالفعل وتم حذف الصورة فورا كما حكى لى كاهن الكنيسة فى القرية.

ولكن حركة المتعصبين فى الكفر كانت قد أختمرت لمعاقبة المسيحيين عن فعل ينتسب لشخص لا يعرف القراءة أو الكتابة ويعيش فى الأردن، فقام المتعصبون بتكسير شبابيك وأبواب منازل المسيحيين وتحطيم سيارة ملاك يواقيم. وكالعادة حدثت أول جلسة عرفية طالب فيها المسلمون بتعويض 250 الف جنيه وأنتهت بعد المفاوضات إلى 50 الف جنيه، وبعد الاتفاق عاد المسلمون وهم يقولون إن إهانة الإسلام أكبر من أن يعوضها المال ولا بد من تهجير هذا الشاب من القرية، وهو ما وافق عليه المسيحيون للأسف من آجل تهدئة الناس، عاد المسلمون مرة أخرى يشتكون من أن تهجير الشاب لا تكفى تعويضا عما حدث وكانت المهزلة بتهجير أسرة الشاب أيمن ومعهم أربعة أسر قبطية من القرية وذلك تحت رعاية مدير أمن بنى سويف، الذى لم يمنع وجوده فى القرية من تعدى المتطرفون على بيت فايق شحاتة وحرقه لكى تكتمل المهزلة فى حضور الأمن، وهكذا شاركت الدولة المصرية فى جريمة تهجير جديدة ضد الأقباط فى تحدى واضح للقانون والدستور والمواثيق الحقوقية الدولية. لم يسأل أحد ضميره أين سيذهب هؤلاء المهجرون الفقراء؟، كيف تستحل الدولة، فى تواطئ مع المتطرفين، باقتلاع مواطنين من وسط أهلهم وبيوتهم وأرضهم وذكرياتهم؟

من سيرعى هؤلاء الفقراء بعد تهجيرهم ويوفر لهم المسكن والمعيشة؟، إلى أين ستذهب التعويضات التى يدفعها المسيحيون فى مثل هذه الجلسات غير القانونية؟، متى ينتهى تلفيق التهم ضد الأقباط وأستخدام إزدراء الإسلام كسيف مسلط على رقابهم؟…..عشرات الأسئلة الحائرة التى تدين الدولة والضمير الجمعى للأغلبية.

جلسات عرفية وتهجير من المطرية إلى دهشور، ومن العامرية إلى رفح، ومن منفلوط إلى دلجا، ومن أسيوط إلى نجع حمادى، ومن بنى مزار ومغاغة ومطاى وسمالوط إلى قنا والاقصر وساحل سليم وسوهاج… وهكذا لم تخلوا محافظة أو مركز مصرى وأحد من جريمة تهجير الأقباط.

هل تتذكرون ما حدث فى المطرية فى يونيه 2014 عندما تم الحكم على عائلة زغلول فى جلسة عرفية حضرها مدير أمن القاهرة بتعويض للمسلمين بمليون جنيه ومائة جمل وخمسة عجول ومساحة كبيرة من الأرض لبناء مسجد عليها مع تهجير عائلة هتلر القبطية وكأننا عدنا إلى مجالس قبيلة قريش العرفية…ياللعار على دولة مصر ذات حضارة الستة آلاف سنة….إن التهجير ليس فقط يعد اهدار لمبدأ المواطنة ولكنه محاولة لضرب فكرة الوطن ذاته فى مقتل.

الإفلات من العقاب- التهجير القسرى-العقاب الجماعى- الجلسات العرفية-الأتاوات-عدم حماية الأقباط، كلها جرائم تتواطى فيها الدولة المصرية مع المجرمين، علما بأن التهجير القسرى والإضطهاد المنظم تصنف كجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم وفقا لميثاق المحكمة الجنائية الدولية.
لقد عاد وحش إزدراء الإسلام إلى التسارع بعد أن هدأ قليلا عقب ثورة 30 يونيه، وتسارعت وتيرة تورط الدولة المصرية فى جرائم تهجير الأقباط وفى استحلال أموالهم وفى تقوية موقف المتطرفين وفى رعاية جلسات العار العرفية.

أين الإعلام مع كل هذه الجرائم القبيحة؟ أين منظمات حقوق الإنسان المصرية؟ أين العدالة التى ترى بعين وأحدة؟ أين الدولة ونظامها وحكومتها؟……الإعلاميون الذين كانوا ينتقدون تهجير الأقباط فى عهد مرسى أصابهم الخرس رغم أستمرار نفس الجرائم فى عهد السيسى، وكأن دورهم كان أستخدام الأقباط كأداة فى صراعهم مع الاخوان.

حتى الكنيسة القبطية التى سمعنا صوتها تنتقد التهجير فى عهد مرسى أصابها صمت القبور بالنسبة لنفس الجرائم فى عهد السيسى.
يا له من واقع مؤسف….كان الله فى عون هؤلاء الفقراء المضطهدين…إذا نامت الضمائر فنحن نثق بأن عيون الله تنظر، ولى النقمة أن أجازى يقول الرب.

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …