الجمعة , مارس 29 2024

الهروب إلى الذات

12002128_1015470091819884_1305235564973248329_n
بقلم الكاتبه ناديه خلوف
جريدة الاهرام الكندى
الهروب إلى الذات
الزمن يتحدّث عن نفسه، يركض خائفاً من الموت.
هذا الزمن غُدِر به. ليس كلّ الأزمنة غدّارة.
يرغب الزّمن أن يلوذ بالكهوف، وينام على بعض القشّ . أتعبه النّقاش.
هل نحن الزمن أم أنّ الزمن هو نحن؟
نبحث عن هويّة ضمن أيّ فضاء حتى لو كان فضاء في كهف.
أكسبنا العصر ألوان الليل الذي احترقت نجومه، وسقط منه بعض الأنبياء.
نسابق الزّمن في الهروب من الحقائق المزيّفة المعروضة على بسطات التّجارة . هي أماكن للمقايضة والبيع، والتّاجر هو دائماً صاحب الحظ الأكبر.
احتجت إلى بعض الخبز. بعت هويتي ثم ندمت. على طول الطريق بسطات لبيع الهويات تستطيع أن تبيع فيها هويّتك أو جسدك السّوق مليء بالحرّية في البيع.
نفذ مني ثمن الهوية . تربعت في السّاحة المؤدية إلى معبد زيوس، أدّيت صلاة الغائب على الجاهليّة طلبت لها الرّحمة، زرت بواديها رأيت العرب اليوم أجهل منهم في جاهليتهم، وبعد الصلاة أصبت بحالة نشوة، في العبادة أمل. وبينما كنت أسمعهم يقولون أنّ الله لا ينزل لأحد قفّة من السّماء، اعتقدّت العكس ، وأنّ تلك القفّة كانت هي أملي الوحيد,
تتغيّر قفة الله حسب المكان الذي أمارس فيه رقصة الرّجفان ، فأحياناً أقع في حفرة من خيالي، أجد كيساً من النقود وأهرب قبل أن يسرقه الوطن.
أحياناً تتغيّر عندي الأماكن ، وأنفذ من خلال سقوطي في نهر إلى طرف آخر للحياة غنيّ لكنه موحش ليس فيه سواي.
لماذا كلّ ذلك الوهم. ليس هناك أجمل من الاستقرار. السؤال هو أين يكون ذلك الاستقرار؟
على فوهة مدفع، أم على أرض خراب؟
لا بدّ من الوصول إلى مكان ما حتى لو كان جحراً.
وقفت على مفترق طرق لم أميّز بين طريق الحقيقة، وطريق الزّيف أخطأت في الولوج ثم اكتشفت خطأي ، حاولت أن أصحح فعدت وبدأت من جديد، وكلما دخلت طريقاً أعود منه. يبدو أنّني ألعب مع الطّرق التي تؤدي إلى الطّاحون
لم توصلني الطرق إلى الطّاحون، فلا يوجد على أطراف السّكون طواحين. ألّفت قصيدة عنوانها. الطرق لا تؤدي إلى الطّاحون.
ماذا يريد مني هذا الوطن؟ لم أولد على أرضه الطّاهرة، ولدتني أمي في مكان ما حيث كانت تسرح مع ماعزها.
كلّما بدأت من جديد، وحاولت أن أشتري ربطة خبز يطاردني وطني. يرسل لي أحد الشّرفاء ينتزعها من فمي.
إنني لست بلا وطن كما تظّنون. وطني الليل. نواح الأمّهات، وتوق الفقراء إلى الرّغيف.
الأمكنة ليست أوطاناً ففي أمكنتي التي غمرتني بوابل من الحقد ينام الطّفل قرب العصا، والمرأة قرب الوهم.
ليس أمامي سوى الهروب. أرغب أن أحيا، الموت ليس بطولة. هي الحياة تناديني من داخلي، وأختبئ من حياتي بها. . .

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …