الخميس , مارس 28 2024
الكنيسة القبطية
مايكل عزيز البشموري

الضدّية الذى تقود المشهد !

بقلم / مايكل عزيز البشموري
هناك حالة من الضدّية والازدواجية قد أصابت المجتمع المصرى ، وأصبحت تلك الضدّية علامة بارزة تُظهر الملامح العنصرية لمجتمعنا المحيط ، وظهر هذا الشيئ ، نتيجة إزدواجية المعايير الذى تبناها البعض ، وسياسة الكيل بميكالين الذى أرساها البعض الاخر ، والضدّية تعنى هنا : قول الشيئ وفعل عكسه ، بشكل مغاير لما يدعيه المرء من مبادئ وأفكار ، ويتضح لنا معنى هذا من خلال قراءة الاقوال والتصرفات العكسية الصادرة من المرء ذاته ، فباتت تلك الضدّية تقود المشهد المصرى بوجهاً عام ، والمشهد القبطى بوجهاً خاص ، فعلى الصعيد العام نستطيع القول ، أن الضدّية قد برزت معالمها ، وتبلورت بعد قيام ثورتي 25 يناير و30 يونيو ، لتظهر لنا كم التناقضات التى أصابت النخب المصرية ، فالمتتبع لمجريات الأحداث الذى احاطت بالمشهد السياسي المصري ، يستطيع إكتشاف صحة هذا الامر ، مثال بسيط على ذلك : ما كنا نراه من ردات الفعل الايجابية من جانب الاقباط ، حيال مطالبهم بتطبيق مفهوم الدولة المدنية ، وترسيخه على المجتمع المصرى زمن وصول جماعة الاخوان المسلمين لحكم البلاد آنذاك ، وتصرفاتهم المعاكسه وأقوالهم المخيبة للآمال التى شاهدنها بعد سقوط الاخوان ، و عدم إكتراثهم للدولة المدنية وغيره ، كل هذا يُظهر لنا كمية التضاد الرهيب الذى غـٌزى الفكر القبطى ، طيلة السنوات الخمس الماضية ، وهناك دلائل عديدة تثبت لنا صحة ذلك ، فعلى سبيل المثال :
1- يرفض معظم الاقباط تطبيق أحكام الشريعة الاسلامية بالبلاد ، ويدعو البعض منهم لإلغاء المادة الثانية من الدستور المصرى ، وبذات الوقت نرى نفس اولئك الاقباط ، يطالبون بتطبيق أحكام شريعتهم المسيحية حرفياً ، رافعين شعار : ” لا طلاق إلا لعلة الزنا ” . ومطالبين بترسيخ المادة الثالثة من الدستور المصرى الذى تنص على تطبيق المسيحيين لإحكام شريعتهم المسيحية حسب شرائعهم السماوية !.
2- يرفض الاقباط عنصرية حزب النور السلفي تجاههم ، كعدم تنهئتهم بالاعياد والمناسبات ، أضف إلى ذلك خطاب الكراهية والتحريض الذي يروج له ضدهم ، وعلى النقيض الاخر نرى الاقباط أنفسهم ، يمارسون نفس تلك العنصرية البغيضة فيما بينهم ، فالارثوذكسي يعتقد أنه وحده من سيدخل الجنة ، وبالنسبة لباقى الطوائف الاخرى فهم من الهراطقة ومصيرهم النار ، والبروتستانتي يرى الارثوذكسي أنه شخصا وثني وعباداته وثنيه وليس لها علاقة بالمسيحية .
3- يطالب معظم الاقباط بالدولة المدنية ، وعلى عكس المتوقع نرى معظمهم يرفض تطبيق قانون الزواج المدنى، رغم أن الزواج المدنى يعتبر مكون هام من مكونات الدولة المدنية الحديثة !.
4- يرفض الاقباط تدخل مؤسسة الازهر الشريف ، فى وصايته على المجتمع الاسلامى بمصر ونراهم يدافعون عن الاصلاحيين المسلمين أمثال إسلام البحيري وسيد القمنى وفرج فوده وغيرهم من الاصلاحيين المسلمين ، وعلى الطرف المقابل نرى اقباطا يحاربون بإستماته أي شخص قبطى يطالب بإجراء إصلاحات داخل مؤسستهم الكنسية ، والذى من شأن تلك الاصلاحات إستقلال الاقباط من وصاية الكنيسة المفروضة عليهم .
5- هناك أقباط كثيرون ينتقدون ويسخرون من بعض العادات الدينية ، كإرضاع الكبير ، وبول البعير وغيرها من العادات الخاطئة التى ينبذها المسلمون قبل المسيحيون ، وعلى الطرف المقابل نجد نفس اولئك الاقباط يستشيطون غضباً إذا سخر منهم أحد وأنتقد صور القديسين الذى تتصبب زيتً ، والحمام السماوي الطائر بين الحين والاخر ، ونبشهم لقبور الموتى ، وأخذ عظامهم التى حولوها لإماكن ومزارات مقدسة يحج إليها ملايين الاقباط .
+ بنظرى إن المسئول الاول والاخير عن تردى الوضع القبطى الراهن ، هم النخب القبطية المثقفة ، فتلك النخب المتزعمة للمشهد القبطي الحالى طيلة السنوات الماضية ، لم تفعل شيئاً يُذكر حيال مجتمعهم القبطى ، فلم يُلقى اولئك المفكرين على عاتقهم ، تبنى خطاب تنويرى حقيقى ، من شأنه نشر الوعى الثقافي والسياسي بين صفوف الاقباط ، ولم تعمل تلك النخب الذى أصابها الوهن والعجز ، على إخراج أجيال وكوادر قبطية شابة ، تستطيع العمل بالشأن القبطى العام ، بل على العكس ، وجدنا تجاهل كبير بحق الشباب القبطى المفعم بالحيوية والنشاط ، فما وجدناه بالحقيقة عدم إكتراث بالمطالب والطموحات التى يحلم بها هذا الشباب ، بل والاخطر من ذلك وجدنا بين تلك النخب أشخاصا إنتهازيون يحاربون الشباب القبطى ، ويسعون نحو تهميشهم من أجل البقاء منفردين وحدهم بالمشهد القبطى الحالى ! .. فلقد أكتفت تلك النخب الهزيلة ، مناقشة الدائرة المحيطة بها فى الغرف المغلقة عبر وسائل السوشيال ميديا الخاصة بها ، وأكتفي البعض الاخـر منهم التفرغ لمهاجمة الاسلام والخطاب الديني الاسلامي ، ظناً منهم أن ما يفعلونه هو الصواب والاصلاح بعينه ، فهم قبل أن يضربون منازل الناس بالحجارة ، قد تناسوا أن منزلهم بالاساس مبنى من الزجاج .. !
للحديث بقية .

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.