الخميس , مارس 28 2024
منير بشاى

الرئيس يريدنا أن نسمعه فمتى يتكلم؟

لمن قد يستقرىء من مقالى هذا غير ما هو مكتوب فيه، اتمنى ان يعيد القراءة.

هذا المقال يناقش موضوعا وليس شخصا مع ان اى موضوع، او اى شخص، ليس فوق مستوى النقاش.

بداية اؤكد إننى مثل ملايين المصريين أكن للرئيس السيسى كل التقدير وأعتبره بطلا قوميا. فهو الذى خلّص مصر من كابوس حكم الاخوان الذى كان يخطط لحكم مصر فى ال 500 سنة القادمة. وسنظل نحمل له هذا الدين الذى سيسجله له التاريخ كما سجّله لأحمس الاول طارد الهكسوس.

ولكن الرئيس السيسى يحكم مصر الآن.

وهو كحاكم انسان قد يصيب وقد يخطىء. ومع التسليم ان هناك بعض التحسين فى الاحوال ولكن ما تزال توجد معاناة يحس بها المصريون عامة والاقباط بصفة خاصة. والرئيس السيسى هو اول من اشار الى وجود المشاكل، ولكن المواطنين هم من يعيشونها، ومن حقهم ان يناقشوها، دون ان يتهمهم احد بالتجاوز، فهم اصحاب المصلحة الأولى. وقد يكون سبب المشكلات عوار فى استراتيجيات الدولة وقد تكون نتيجة اسباب خارجة عن ارادة الدولة، وكل هذا يتضح بالنقاش.

ناهيك ان هذا الحظر وذلك الحجر على الكلام لا يخدم مصر.

بل لا اعتقد انه يخدم الرئيس السيسى نفسه او يحسّن من صورته داخل مصر وخارجها.

ومع إعجابى بأسلوب الرئيس فى مخاطبة الجماهير بالكلام البسيط الذى يخرج من القلب ويصب فى القلوب. ولكن هذا الاسلوب له أيضا تداعياته عندما يستخدم بتلقائية ودون تمحيص للكلمات وتحديد دلالتها.

ومن التعبيرات التى تستحق ان نقف عندها قليلا ما جاء على لسان الرئيس فى خطاب “مصر 2030” عندما قال “متسمعوش كلام حد غيرى أنا”. وهى عبارة تحمل دلالات كثيرة، وقد تفسر بطريقة سلبية، منها:

1- أن الاعلام المصرى كله أصبح ضالا ومضللا
الاعلام جزء من ادوات بث المعلومات. ووظيفته ان يراقب ويفحص ويناقش ويصحح. فاذا كان بعض الاعلام معيبا فيمكن ان يصحح بواسطة اجهزة الدولة التى تقدم الحقائق. ولكن اذا قيل ان الاعلام كله لا يوثق فيه فهذه تصبح كارثة لا يجب التغاضى عنها.

2- وقد تفسر بان الشعب المصرى اصبح غير مؤهل للتمييز بين الخطأ والصواب
وأن الشعب المصرى لم يعد يعرف أين صالحه وأنه عليه ان يتوقف عن إعمال عقله ويسلم اموره بالكامل للدولة التى تأخذ القرارات نيابة عنه. وهذا حجر على حقوق الشعب الأصيلة فى ان يكون سيد قراره.

3- وقد تفسر بان الحاكم فى مصر اصبح يعتقد انه يمتلك وحده الحقيقة المطلقة
عندما نسمع من الرئيس تعبير “متسمعوش كلام حد غيرى أنا” معنى هذا انه لم يعد لنا من يمكننا ان نثق فيه الا الحكومة وحدها. ولكن فى عالم السياسة لا توجد الثقة غير المشروطة اوالطاعة العمياء لأى انسان. فاحتمال الخطأ وارد ولا يوجد من يمتلك الحقيقة المطلقة.

4- وقد تفسر بان مصر تباعد نفسها عن الممارسة الديمقراطية
الديمقراطية هى حكم الشعب لنفسه والحاكم فى الديمقراطية خادم للشعب وليس سيده. الحاكم ينفذ ما يريده الشعب بناء على آليات محددة ومعروفة. والديمقراطية مهارة يتعلمها المواطن منذ نعومة اظفاره وينمو معها كلما تقدم به العمر. والدولة مسئولة عن تنمية الديمقراطية وضمان استمرارها وحسن تطبيقها.

وبعد- فان الرئيس السيسى يطالب الشعب المصرى ان لا يسمع لأحد غيره. ومع انزعاجنا من هذا التعبير ولكن فى الظروف الانتقالية الحالية يمكننا ان نبلعه. ولكن دعنى اصارح بالقول ان المشكلة الكبرى ليست فى اننا لا نسمع للرئيس بل فى اننا لا نسمع منه بما فيه الكفاية حين كان يجب عليه ان يتكلم.

سيادة الرئيس هناك امثلة كثيرة لمواقف كنا نتمنى ان نسمعك تتكلم فيها ولكنك لزمت الصمت. لماذا لم نسمع منك عندما اعطى لمريم المتفوقة صفرا فى كل المواد ضد كل منطق وعقل؟ لماذا سكت على حبس اسلام بحيرى وفاطمة ناعوت وهما من حاولا تجديد الخطاب الدينى بناء على توجيهاتك؟ لماذا لم تنطق ببنت شفة عندما منعوا المديرة القبطية فى بنى مزار من دخول المدرسة لمزاولة وظيفتها؟ وكأب اولا ورئيس للجمهورية ثانيا، لماذا سكت على سجن اطفال بنى مزار الابرياء وتهديد مستقبلهم بالضياع؟

سيادة الرئيس- اما ان تتكلم فى كل الظروف فتنصف المظلوم وتحمى الضعيف، او تصمت فى كل الظروف، وتتركنا نعيش فى الغاب لنسمع عواء الذئاب وينتظر كل منا متى يأتى دوره لتفتك به. هذا والمؤكد انه فى كل مرة تبتلع الذئاب فريسة تنفتح شهيتها لتطلب المزيد. ولذلك لا يلوح على الافق بوادر نهاية لمسلسل الرعب الذى نعيشه يوميا.

والسؤال الصريح، هل صمت الدولة فى وجه ما يحدث هو مجرد تغطية لعجزها؟ وهل هذا ما عبر عنه وزير الثقافة حلمى النمنم حين قال “الاحكام الصادرة فى قضايا ازدراء الاديان لا نستطيع ان نقف امامها” واضاف “نحن ضد الحبس فى قضايا النشر بالاطلاق ولا يعقل ان تكون فى 2016 مادة متعلقة بازدراء الأديان”؟

سيادة الرئيس – ان لم تتكلم انت ضد هذه التجاوزات فمن يتكلم؟ وان لم تقم الآن بدورك لوقفها وفرض هيبة الدولة فمتى تفعل؟ هل بعد خراب مالطة؟

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.