الثلاثاء , أبريل 30 2024
دكتور إيهاب أبو رحمة

د.إيهاب أبورحمه .يكتب : شهاده طبيب عنايه مركزه و تخدير(1)

كتبت مقالا في السابق بعنوان لماذا يكره المصريون الاطباء ,و مع ما ذكرت فيه من اسباب واهيه لا اصل لها(نظرا لانها من فئه قليله لا تذكر ) سببت هذه الكراهية بالفعل و التى في كثير من الاحيان بفعل وسائل الاعلام (ف هاهى صحيفه ذات صيت و جمهور نشرت صوره كاريكاتيريه لطبيب و كأنه حصاله تمتلئ بالنقود) فاجأتني بعض الردود و التى تدعى ان اغلب الاطباء بالفعل هم حصالات لحفظ النقود و اقوال بأنهم الجشع نفسه و كى اكون امينا مع نفسى و مع الجميع بالفعل هناك تجاوزات سيأتى سردها لاحقا و لعلى استطيع ذكر بعض منها حدث امامى او من بعض الاصدقاء الموثوق فيهم ,و لكن يبدو ان محاولات توضيح الصوره و تبرئه اغلب الاطباء من هذه التهمه لم تصل الى الكثيرين فكما ذكرت ان اغلب الاطباء خارج مصر و من تبقى فيها في الاغلب هم صغار الاطباء الباحثون عن شهاده حتى يتسنى لهم البعد عن الظروف السيئة التى يعيشها الاطباء .فهل من حل لمنع تكرار من يشوه صوره الاطباء في مصر لمنع تكرار النماذج السيئه القادم ذكر بعض منها ؟؟نعم المتسبب في هذه الصوره هم وحوش الطب و الاطباء التى لا تراعى ضميرها ولا ترى الله في عملها و لكن من تسبب في ما وصلوا اليه من تجبر و افتراء على بسطاء المرضى و فقراءهم ؟
بلا ادنى شك لا ابرر ضياع الضمير لدى هؤلاء و لكن محاوله و فقط لتوضيح كيفيه ضياع الضمير عندهم ,هم اطباء لم يجدوا ما يستطيعوا به العيش بكفايه تامه ولا العيش في حياه كريمه و لا راتب يحترم مكانتهم الاجتماعيه و قدراتهم العلميه ولا مقابل لما عانوه من مشقه التعلم و الاجتهاد لم يجدوا من يشعر ب الامهم و مشاكلهم لم يجدوا الا المحسوبيه و الغلاء في كل شئ من اسعار و عقارات و مواصلات الخ, لا يجدون الا من يحاسبهم عن تقصير فى عمل لا ان يكافئهم على قدر تعبهم و جهدهم و كأنهم عبيد في عصور الجاهليه او دواب في ارض بور , بدأ الضمير في الاختفاء تدريجيا مع الشعور ب الذنب في بدايه الامر الى ان اختفى تماما هذا الشعور مع التبرير لاختفاءه .وتبريرهم لماذا هم يشعرون ب الام الاخرين و الاخرين لا يشعرون بهم ؟ ولماذا يتحملون هم غلاء الاسعار في ظل تواجد وزاره لا تعي لقيمتهم ولا تهتم ب احتياجاتهم و هم في نفس الوقت يجدون وزارت اخرى تهتم بموظفيها و تعمل على اراحتهم ؟.و مع مرور الزمن اصبحوا لا يشعرون الا ب انفسهم . و عديمى الضمير اما هم من مسئولي المنظومه الصحيه المنوط بهم تنظيم و تخطيط مستقبل هذه المنظومه او وحوش الطب الخاص .
سأسرد لكم بعض القصص التى عانينا منها:
هنا سنتحدث عن عديمى الضمير من المسئولين فى وزاره الصحه
منذ سنوات كنت اعمل في في مستشفى في صعيد مصر على سبيل التعاقد ب 280 جنيه في ال 24 ساعه نعم كما قرأتم 280 جنيه فى قسم العنايه المركزه (تبعد عن بيتى ب اكثر من 5 ساعات ب القطار) و التى في حقيقه الامر لم تكن عنايه من الاساس ,مع اننى عندما رأيتها للوهله الاولى ظننت انى في مستشفى عظيم في دوله غربيه لا في صعيد مصر من فخامه مداخلها و رخام واجهتها ,جاءني مريض يبلغ من العمر 24 عاما كان يعانى من فشل كلوى و كبدى و كان مجدولا لعمل زرع كلى بعد اقل من اسبوعين ,كان في جلسه غسيل كلوى فهبط ضغطه مما استدعى توقف الغسيل و محاوله البحث عن سرير له في عنايه مركزه لعلاجه من هبوط الضغط و لسوء حظه اتى الى العنايه التى اعمل بها , لم اجد له اى دواء لاسعافه ولا اجهزه لعمل تحاليل له اجريت اتصالات بصديق في مستشفى اخرى في نفس المدينه السياحيه و لسوء الحظ لا يوجد عنده سرير فارغ ارسلت اقاربه للبحث عن ادويه انعاش لازمه له في جميع صيدليات المدينه فعادوا الى خائبين لم يجدوا اى دواء منهم , جلست بجواره و انا ارى الشاب العشرينى يموت و قلبى يعتصر ألما فلا استطيع مساعدته ب اى شكل من الاشكال و في هذه اللحظات كنت العن الظروف التى جعلت منى مغلول اليد ولا استطيع ان اقدم ما اعرفه و ما هو في استطاعتى من علم و مساعده لهذا المسكين واذا بعجوز فاجأتنى من اقاربه تدافع عن الظروف التى كنت العنها و عن واقعنا في بلادنا و هى تقول ( الطب في مصر يا ابنى زى الفل و ربنا يخليلنا الريس مبارك معيشنا في امان و عاملنا مستشفيات حلوه ) ,ظل هبوط الضغط بل و ازداد هبوطا الى ان توقفت عضله القلب تماما ووضعته على جهاز تنفس صناعى و الذى بدوره لن يظل يعمل طويلا ف فليس لدى ما يكفى من اسطوانات الاكسجين , حاولت اسعافه يدويا الى ان عاد القلب ينبض بدون ادويه و مع علمى انها محاولات لن تؤتى بثمارها معه فسرعان ما سيتوقف القلب ثانيه و الموت قادم لا محاله و ادركت تماما ما هى الا لحظات و سأعلن لهم وفاه الشاب المسكين و هو ماتم بالفعل …
هل تعلمون يا ساده ان اسعار الادويه التى كان المريض في احتياجها لا يزيد ثمنها عن 5 جنيهات فى هذه الفتره !!.هنا تقع المشكله جميعها على الطبيب الذى لا حول له ولا قوه و كيف لا فهو اضعف حلقه في المنظومه الطبيه الايله للسقوط ,و العجيب ان 24 ساعه في هذه المستشفى ب 280 جنيه ولا تستطيع ان توفر ادويه اسعارها منخفضه جدا مع ضخامه قيمتها و الاعجب ايضا ان مدير هذه المستشفى كان يعمل ايضا بنظام التعاقد …هل علمنا الان ان الاهم هو دفاتر الحضور و الانصراف و ان يتواجد طبيب في اليوم كاملا و لا يهم علاج المرضى من عدمه ..!!
قصه اخرى من المهازل الطبيه في منظومتنا , منذ اعوام ايضا , في مستشفى كبير للولاده كطبيب تخدير في محافظه كبرى من محافظات الصعيد و للعجب كانت تضم غرفتين فقط عمليات احداهما ب سرير غير صالح للاستخدام و بدلا من اصلاحه تم اغلاق الغرفه كامله ,فى الاغلب يتم تخدير الحالات تخدير نصفى حتى نتجنب التخدير الكلى لنقص الامكانيات ,و في الحالات التى لا يصلح معها النصفى يتم تخديرها كليا ,كان في هذا المستشفى الكبير انبوبتين حنجريتبن فقط (ملحوظه ثمن الانبوبه حينها و هى في الاصل للاستخدام لمره واحده فقط 7 جنيهات ) للتخدير الكلى , يتم اعاده استخدامها بعد اخراجها من فم مريضه بعد افاقتها و يتم غسلها من الدماء و اللعاب و غيره ويتم وضعها في فم مريضه اخرى !! . و كان من اهم سمات مدير هذه المستشفى العظيم الشده و طبعا احتضان دفتر الغياب و الحضور .فحضور الاطباء اهم من المرضى و صحتهم و اهم من العدوى التى تنقل من مريض لاخر.
هذه المستشفى هى و دائما كانت محط انظار الساده في المديريه التابعه لها هذه المستشفى , للتدقيق على حضور الاطباء من عدمه دون النظر الى الغرف المغلقه و الاجهزه التالفه ولا ما يلزم المستشفى من اجل سلامه المرضى و الاطباء ….
و ايضا من ذاكرتى ك طبيب تخدير منذ اعوام عديده ,فى مستشفى فخم المبنى رخامى الهيكل يحتوى على اجهزه تخدير لم تستخدم لاكثر من 6 سنوات لعدم وجود اطباء على قدر العلم و الكفاءه لاستخدامه ,ظل الجهاز كما هو لم يسلمه طبيب ,طلب منى مدير المستشفى ان احاول استخدامه فى حالات التخدير الكلى كونها مستشفى ولاده ولكنى لم اوافقه الرأى قبل ان يبعث للشركه المنتجه لعمل فحص شامل للجهاز قبل استخدامه .فى هذه المستشفى كنا فى ولاده قيصريه بتخدير نصفى و فجأه انقطت الكهرباء و اكمل طبيب النساء عمليته على ضوء ولاعه بعد اكثر من ساعه و اغلق الجرح ..و لكن سرعان ما ظهرت مضاعفات و الام فى البطن و نزيف حاد الامر الذى على اثره تم تحويل المريضه الى مستشفى اكبر و مجهزه بتجهيزات افضل و ما ان وصلت المريضه الى باب المستشفى الا و لفظت انفاسها الاخيره وصعدت روحها الى خالقها .و بالطبع تم تحويل طبيب النساء الى التحقيق رغم انه لم لا يتحمل انقطاع التيار الكهربائى ولا يتحمل عدم وجود مولد كهربائى و رغم محاولاته العمل قدر استطاعته بدون امكانيات .
والعجيب ان السبب فى التقصير هو من يحقق و يحيل الى التحقيق فى قصور و اهمال ….هذا هو حال الطب فى مصر يا ساده .
الان بعد سرد بعض من واقع مرير و مع ما سيأتى ذكره لاحقا مادام في العمر بقيه .هل يتحمل الطبيب المصرى (اللى بيعزل برجل حمار) تدهور المنظومه الصحيه. لا تلوموا الاطباء فهم لا حول لهم ولا قوه لوموا من لا يسعى للاصلاح من يسعى و فقط للتضييق على الاطباء دون توفير اى امكانيات لهم. و من اجل ان يحافظ على كرسى قد يكون اقل منه كثير و لا يستحقه ابدا…
يا ساده صحه المصريين في خطر …………………………
وللحديث بقيه مادام في العمر بقيه
د.إيهاب أبورحمه
ehababurahma@gmail.com

شاهد أيضاً

قيامة المسيح ..أعادت لنا الحياة الأبدية .

“هذا هو اليوم الذي صنعه الرب فلنفرح ونبتهج فيه ” (مز 118: 24) تهنئة قلبية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.