الإثنين , ديسمبر 29 2025

الأقباط وثقافة المــوت .

بقلم : مايكل عزيز البشموري
لا يوجد فى المسيحية خطاب ديني ، ولكن يوجد توجه روحي يقوده رؤساء الكنائس والطوائف المسيحية فى مصر ، ويُمكن تسميه ذلك التوجه بـ ”الخطاب الروحي“ ، ويعتبر الخطاب الروحى المسيحي ، أحد العوامل المساعدة وراء تزايد الإشكاليات التى تعرض لها الاقباط بالعقود الماضية ، فقّد عمل هذا الخطاب على تخدير وتغييب العقل القبطي ، وجعل من المواطن المصري المسيحي ، مواطن ضعيف ( درويش ) غير قادر على المطالبة بحقوقه العادلة ، وإنعكست سلبية ذلك الخطاب ، من خلال إلباس المناخ الطائفي المنتشر بالبلاد ( زياً روحانى ) ، وإعتبار الحوادث الطائفية التى يتعرض لها المواطن ”القبطي“ أحد الأكاليل السمائية التى سينالها المرء منا فى الحياة الآخره ؛ كمكأفة له على إحتماله صليب الاضطهاد بفرح وسرور ؛ وبالتالي إعتناق ثقافة الموت (( لكن أنا مش مِن هنا ، أنا ليا وطن تانى )) ، ومن ثم القبول بفكرة التعايش كمواطن درجة ثانية ؛ وإذا أراد المسيحي المصري ، التمرد على واقعه المأسوي هذا ؛ فلا سبيل أمامه سوى الرحيل وطلب الهجرة ، للهروب من جحيم التمييز الديني والعنصري الذي يتعرض اليه فى بلاده ، وعلى النقيض ، نرى أقباط كثيرون وصل بهم الأمر إلى الإستلاذاذ بالألم ، وإعتبار المصائب التى تحل عليهم ، من جوهر الديانة المسيحية ، ويتحمل مسئولية نشر تلك الافكار ، رجال الدين المسيحي – الذين روجّوا – للتمييز الديني على انه حماية ( للاقباط وكنيستهم ) ، ليستخدموا التمييز الواقع على شعبهم كورقة ضغط ، لمساومة الانظمة المصرية المتعاقبة ، لنيل بعض المطالب والخدمات لوجيستية النافعة التى تصب فى مصلحتهم ، وبدورها قدمت الكنيسة هى الاخرى خدمات للدولة مقابل منحها تلك الامتيازات والحقوق ، والمقابل هنا جاء مخزي ومذل ، وهو السيطرة على الشعب القبطي وكبح جماح مطالبهم ، نظير الامتيازات الممنوحة للكنيسة ، لنلاحظ هنا تعامل الدولة مع الاقباط بسياسة : ”العصا والجزرة“ وهى سياسة أمنية متبعة ، بدأها الرئيس الراحل أنور السادات ، وما زالت تُمارس حتى يومنا هذا . وتتميز تلك السياسة الرخيصة بمنح الدولة العنصرية أستحقاقات وأمتيازات واسعة لقادة الكنيسة مقابل بسط الكنيسة نفوذها على شعبها والتحكم بمصائرهم دون غيرها .
وحتى لا يتمرد الاقباط على واقعهم المرير ، إستخدم رؤساء الكنائس المسيحية عبارات ومصطلحات روحية للسيطرة على شعبهم لتخدير عقولهم ، ومن ثم إخماد الدعوات المطالبة بأخذ حقوق الاقباط ، ومن أشهر تلك العبارات : ( ربنا موجود ، كله للخير ، مسيرها تنتهي ) ؛ ( نحن لسنا من هذا العالم ) ؛ ( أنتم تصمتون والرب يدافع عنكم ) ؛ ( لا تقاموا الشر بالشر ) ؛ ( أحذروا غضب السماء ) ، وغيرها من العبارات والمسكنات الدينية المطاطية التى دمرت عقول الاقباط طيلة العقود الماضية . وجعلت من المسيحيين خراف تساق إلى الذبح دون أن تتفوه بكلمة ؛ وهكذا أصبح القبطي أسير لدي رجل الدين المسيحي ودائم الارتباط به ، مما أدي لخلق مجتمع ديني مسيحي منغلق على ذاته .

شاهد أيضاً

محمد مختار يكتب لكم من مقهى سولافة مع صديقي محمد الحكيم. .. الحديث الشائك عن مصالحة لا مفر منها

دخل محمد الحكيم إلى مقهى سولافة، وكأن خطواته الثقيلة تحمل معه ثقل الأحداث والهموم. كان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.