الأحد , ديسمبر 7 2025
الكنيسة القبطية
ماجد سوس

حين تضيق الحياة.. ويبقى الأمل

ماجد سوس

في زمنٍ صار فيه الغلاء وحشًا يفترس أحلام البسطاء، ويقتحم بيوتهم دون استئذان، تنام أمّ على وجع سؤال طفلها: “ماما، إمتى هنشتري لبس جديد؟”، ويصحو أبٌ من نومه على كابوس القسط المتأخر وفاتورة الدواء والطعام.

لم تعد الحياة سهلة كما كانت، بل أصبحت كل خطوة فيها تحتاج إلى صبر، وكل نفَس يُؤخذ بحساب.

نعم، الأسعار نار، والدخل لا يكفي، والكثير من أبناء هذا الوطن الطيّب يُصارعون كل صباح من أجل لقمة خبز

أو زي مدرسي، أو حتى علبة دواء. ومع ذلك، لا تزال قلوبنا تنبض أملًا، لأننا نؤمن أن في مصر

من يملكون القدرة والإرادة على الإنتصار على كل الصعاب.

نحن اليوم لا نطلب المستحيل، بل ننادي الخيّرين من أبناء وطننا الحبيب، رجال الأعمال الشرفاء

الذين أنعم الله عليهم بالرزق الوفير: لماذا لا نبني معًا سلسلة “ثريفت ستورز” (محال ملابس مستعملة بحالة ممتازة)

في كل حيّ، بأسعار رمزية؟ لماذا لا تكون هذه المحلات عنوانًا للرحمة، تقدم الملابس بعد غسلها وكيها

وتغليفها في علب جميلة، تحفظ كرامة المحتاج وتمنحه شيئًا من الفرح؟ وننادي الحكومة: لماذا لا يتم البدء فورًا

في بناء مساكن خشبية بسيطة، آمنة، وجميلة؟ تُباع بالتقسيط الرمزي، حتى لا يبقى أحد تحت سقف السماء

في عزّ الشتاء أو حرّ الصيف وتكون هذه المباني منظرها بديع كالبيوت في الخارج ولا سيما أن لدينا مساحات شاسعة من الأراضي غير المستغلة.

ونقترح على الدولة أيضا أن تمنح رجال الأعمال تسهيلات ضريبية مقابل إنشاء مزارع دواجن

ومواشي ومشاريع إنتاج المخبوزات بأسعار مخفضة، لتخفيف العبء عن موائد الناس.

ولماذا لا نحلم معًا ببناء مدن جديدة كاملة مخصصة لمحدودي الدخل؟ مدن بها كل شيء:

مدارس، مستشفيات، ملاعب، ومناطق ترفيهية، تشبه المدن السياحية، لكن بقلوب تعشق العطاء وتخدم الفقراء.

بل ونقترح اقتراحًا قد يكون صادمًا للبعض، لكنه يحمل رؤية إنسانية جريئة: تجميد بناء المساجد

والكنائس لمدة خمس سنوات، وتوجيه هذه الميزانيات لبناء مستشفيات ومراكز طبية تخدم كل الناس

بمقابل رمزي أو مجانًا. الدين ليس في المباني، بل في الرحمة والعطاء، والله لا يسكن المآذن

ولا المنارات بل يسكن قلوب الرحماء.

أبناؤنا كذلك بحاجة إلى تغيير نظرتنا إلى العمل. علموا أولادكم أن الشغل ليس عيبًا، بل هو شرف.

اجعلوهم يعملون بعد المدرسة، في أي مجال شريف، حتى لو بسيط. لا تحزن حين ترى ابنك يبيع

في مكتبة أو مقهى، بل افتخر به، فهو يبني نفسه ويقوى لمواجهة الحياة. في دول العالم المتقدم، الطالب يدرس

ويعمل ويتفوق، فلماذا لا نبدأ نحن أيضًا؟ يا كل قلب رحيم، يا كل رجل أعمال يستطيع أن يغيّر حياة المئات

يا من بيدك قرار، ويا من في قلبك رحمة، اعلم أن العطاء لا يقلل منك، بل يرفعك.

وأن أكبر استثمار ليس في العقارات أو الأسهم، بل في دعوة صادقة من أم فقيرة، أو دمعة فرح

على خد طفل وجد ما يلبسه أخيرًا.

الحياة صعبة، نعم. لكنها بنا – جميعًا – يمكن أن تكون أرحم.

في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة التي تمر بها بلادنا، ومع ما يعانيه المواطن البسيط

من أعباء الحياة اليومية، يبرز دورنا جميعًا، حكومةً وشعبًا، أفرادًا ومؤسسات، في البحث عن حلول

واقعية وإنسانية تخفف من معاناة الناس وتعيد لهم كرامتهم وأملهم في غدٍ أفضل وهذه هي الديانة

الحقيقية التي يبحث عنها الله.

مع خالص المحبة والرجاء، مواطن مصري يحب وطنه ويؤمن بأن الخير لا ينضب من قلوب أهله.

شاهد أيضاً

انتخابات البرلمان المصري

انتخابات وانتخابات

عرفت الانتخابات التي شهدتها مصر عقب ثورة يناير نسب مشاركة كبيرة وقوة في المعارك السياسية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.