السبت , ديسمبر 6 2025
كلية النصر للبنات
الدكتور علاء ثابت مسلم

علاء ثابت مسلم يكتب تظلمات الثانوية العامة.. “حين يتحول البحث عن العدل إلى رحلة في المجهول”


تتكرر كل عام أزمة تظلمات طلاب الثانوية العامة، وتُطرح ذات التساؤلات دون إجابات شافية من الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم، التي تصر على اعتماد أسلوب غامض في التعامل مع تظلمات الطلاب، وكأن الشفافية أصبحت رفاهية لا تستحق أن تُمنح للطلاب في لحظة حاسمة من حياتهم.


كما أن أحد أبرز أوجه الغموض، بل والتناقض، في آلية التظلمات، هو غياب نموذج إجابة موحد

وواضح لكل امتحان يتم الإعلان عنه عقب كل اختبار. هذا النموذج كان من شأنه أن يُمكن كل طالب

من مراجعة إجاباته بنفسه فور خروجه من اللجنة، ليقف على مدى دقة إجاباته ويقيّم أداءه بوضوح.

لكن، ولأسباب غير مبررة، تغيب الوزارة عن هذا المشهد، وتُبقي نموذج الإجابة طي الكتمان

وكأن في الأمر سرًا خطيرًا يجب ألا يُكشف!


فكيف لطالب – وسط حالة التوتر النفسي وضغط الامتحانات – أن يتذكر تحديدًا ما أجاب عليه

في ورقة البابل شيت، بعد مرور أيام وربما أسابيع على الامتحان؟ وهل يُعقل أن يكون معيار التظلم

مقتصرًا فقط على مقارنة صورة ورقة البابل شيت بإجابة لا يعرف الطالب مدى صحتها من الأساس؟

الأمر أشبه بمحاولة استرداد حق في معركة لا يُسمح فيها برؤية العدو أو حتى معرفة قواعد الاشتباك!


الأدهى أن نتائج التظلمات كثيرًا ما تُحسم دون إبداء أسباب واضحة أو حتى شرح مقنع للتعديل (إن وُجد)

ويُترك الطالب أمام “قدر” الوزارة، الذي لا يعلمه إلا القائمون عليه. فهل هذه عدالة تعليمية ؟

وهل بهذه الطريقة تُرسخ الوزارة الثقة في منظومتها لدى الطلاب وأولياء الأمور؟


إن عدم إعلان نموذج الإجابة الموحد يفتح أبواب الشك أكثر مما يغلقها، ويدفع البعض للتساؤل:

هل هناك تفاوت بين المصححين؟ هل توجد إجابات تعتبر صحيحة لدى لجنة وأخرى تراها خاطئة ؟

وما الذي يضمن أن كل طالب خُضع لنفس المعايير؟


لسنا في موقع إطلاق الاتهامات، ولكن في ظل غياب الشفافية، يصبح من الطبيعي أن تتكاثر الشكوك

ويضيع الطلاب في دوامة من الأسئلة بلا أجوبة.


إذا كانت الوزارة حقًا حريصة على العدالة، فالأولى بها أن تنشر نماذج الإجابة المعتمدة

بعد كل امتحان مباشرة، وتتيح للطالب حق التظلم بناءً على معرفة حقيقية بموقع خطئه أو صوابه.

أما الوضع الحالي، فهو أبعد ما يكون عن المنطق، وأقرب ما يكون إلى العبث بمستقبل جيل بأكمله.


في النهاية، يبقى الأمل أن تستجيب الوزارة لصوت الطلاب وأولياء الأمور

وتُعيد النظر في آلية التظلمات، لتتحول من مجرد إجراء شكلي، إلى وسيلة حقيقية لإنصاف المظلومين

وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، الذي لطالما تغنينا به في شعاراتنا التعليمية.

شاهد أيضاً

انتخابات البرلمان المصري

انتخابات وانتخابات

عرفت الانتخابات التي شهدتها مصر عقب ثورة يناير نسب مشاركة كبيرة وقوة في المعارك السياسية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.