السبت , ديسمبر 6 2025
فقير

كيف يعيش المواطن المصري بعد ثورة 2011

جيهان ثابت

أولًا: السياق العام

قبل الثورة، كان الاقتصاد المصري يعاني من مشكلات هيكلية مثل ارتفاع معدلات الفقر، والاعتماد الكبير على السياحة وتحويلات العاملين بالخارج، مع انتشار الفساد والاحتكار.

جاءت الثورة فزادت هذه التحديات تعقيدًا، إذ تعطلت مؤسسات الدولة وانهارت الثقة في السوق.

المواطن العادي كان أكثر المتأثرين بتلك الاضطرابات.

ثانيًا: انهيار مصادر الدخل القومي

السياحة:

كانت تمثل أكثر من 11% من الناتج المحلي الإجمالي، وتشغّل ملايين الأسر.

بعد الثورة، تراجعت أعداد السياح بشكل غير مسبوق بسبب المخاوف الأمنية وعدم الاستقرار السياسي.

المواطن الذي كان يعتمد على السياحة (فنادق، مطاعم، خدمات) وجد نفسه بلا دخل تقريبًا.

الاستثمارات الأجنبية :

هروب رؤوس الأموال كان سريعًا، إذ فقد المستثمرون الثقة في استقرار السوق.

المصانع والمشروعات الجديدة توقفت، ما أدى إلى فقدان فرص العمل.

تحويلات المصريين بالخارج :

ظلت ثابتة نسبيًا، لكنها لم تكن كافية لتعويض التراجع في باقي مصادر الدخل.

ثالثًا: البطالة وتراجع مستوى المعيشة

البطالة :

ارتفعت معدلات البطالة خصوصًا بين الشباب، إذ وصل الرقم الرسمي في بعض الفترات إلى أكثر من 13%.

آلاف الخريجين الجدد لم يجدوا فرصًا للعمل، مما زاد حالة الإحباط والهجرة.

الأسعار والتضخم :

ارتفعت أسعار السلع الغذائية الأساسية نتيجة اضطراب سلاسل الإمداد وزيادة الاستيراد بالدولار.

المواطن البسيط وجد أن دخله لا يكفي لتغطية الاحتياجات اليومية.

القدرة الشرائية :

تآكلت دخول الطبقة الوسطى، وتحولت شريحة كبيرة منها إلى ما دون خط الفقر.

الأسر أصبحت تقلل من استهلاكها، وتلجأ إلى الديون أو المساعدات.

رابعًا: سياسة الدولة في مواجهة الأزمة

القروض والمعونات:

حصلت مصر على مساعدات من دول عربية وقروض من مؤسسات دولية.

لكن المواطن لم يلمس أثرًا مباشرًا لها، إذ استُخدمت غالبًا لسد عجز الموازنة وسداد الديون.

الدعم الحكومي :

استمر دعم الخبز والسلع الأساسية نسبيًا، لكنه لم يكن كافيًا أمام ارتفاع باقي الأسعار.

الحكومة لجأت إلى ترشيد الدعم تدريجيًا مما زاد العبء على المواطن.

الاستثمارات الداخلية :

حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي أضعفت رغبة رجال الأعمال في التوسع، فبقي الاقتصاد راكدًا.

خامسًا: المواطن بين الأمل والواقع

المواطن البسيط كان ينتظر من الثورة عدالة اجتماعية، وزيادة فرص العمل، وتحسين مستوى المعيشة.

لكن ما حدث هو العكس: دخل ضعيف، أسعار مرتفعة، وظائف قليلة، وانعدام الأمان الاقتصادي.

كثير من الأسر اضطرت لتغيير نمط حياتها:

الاستغناء عن الكماليات.

الاعتماد على عمل أكثر من فرد في الأسرة.

زيادة الديون والقروض.

سادسًا: النتائج بعيدة المدى

تآكل الطبقة الوسطى :

وهي العمود الفقري لأي مجتمع، مما زاد الفجوة بين الأغنياء والفقراء.

الهجرة :

ازدياد رغبة الشباب في العمل بالخارج للهروب من الأزمة الاقتصادية.

الاقتصاد غير الرسمي :

ازدهر بشكل كبير (العمل من دون ضرائب أو تنظيم)، إذ لجأ إليه المواطن كبديل عن البطالة.

زيادة الفقر :

 ارتفعت نسبة المصريين تحت خط الفقر لتصل إلى نحو 27% بعد الثورة مباشرة، ثم واصلت الزيادة في السنوات التالية.

اري ان الوضع الاقتصادي بعد ثورة 2011 كان من أكثر الملفات تأثيرًا على حياة المواطن المصري.
فالاضطرابات السياسية والأمنية أضعفت الثقة في السوق، وأدت إلى انهيار مصادر الدخل الرئيسية.
المواطن البسيط وجد نفسه بين مطرقة الغلاء وسندان البطالة، فشعر أن شعارات الثورة في “العدالة الاجتماعية” لم تتحقق.
ورغم مرور سنوات، ما زالت آثار تلك الفترة حاضرة في ذاكرة المصريين باعتبارها مرحلة قاسية اقتصاديًا
لكنها أيضًا محطة كشفت عمق الأزمة الاقتصادية المزمنة التي تحتاج لإصلاحات جذرية لا مجرد حلول مؤقتة.

شاهد أيضاً

كلية النصر للبنات

علاء ثابت مسلم يكتب : ماذا سأفعل لو أصبحت وزيرا للتعليم ؟!

طرحت عليّ إحدى طالباتي سؤالاً يبدو بسيطاً لكنه يحمل ما وراءه:”لماذا لا تصبح وزير التربية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.