بقلم / حمدي عز نقيب السياحيبن
السياحة ليست مجرد صور على إنستغرام لأشخاص يلوحون من أمام برج إيفل، بل هي واحدة من الأدوات الماكرة التي تستخدمها الدول للتأثير في الآخرين دون أن تطلق رصاصة أو تعقد معاهدة عسكرية.
هذا ما يُعرف بـ القوة الناعمة، حيث تتحول الشواطئ، المتاحف، والفعاليات الثقافية إلى أدوات دبلوماسية
مغلفة بالابتسامات.
الدول تدرك أن الانطباع الأول مهم، وأن السائح العائد إلى بلده بعد تجربة إيجابية يصبح سفيرًا غير رسمي.
لذلك، تستثمر بعض الحكومات مليارات الدولارات في البنية التحتية السياحية، وتطلق حملات ترويجية
ساحرة، ليس فقط من أجل زيادة العوائد الاقتصادية، بل من أجل تحسين صورتها على المسرح الدولي.
فالصورة الوردية لشوارع نظيفة، احتفالات مبهرة، وكرم ضيافة يُراد لها أن تغطي على مشاكل سياسية
أو ملفات مثيرة للجدل.
إضافة إلى ذلك، السياحة يتم استغلالها كأداة لتعزيز النفوذ السياسي. الدول تنظم معارض دولية
مهرجانات ثقافية، أو حتى تستضيف أحداثًا رياضية ضخمة (كالأولمبياد أو كأس العالم)
وهو ما يمنحها منصة دعائية عالمية
ويتيح لها بناء شبكات علاقات سياسية واقتصادية خلف الكواليس.
ببساطة: السياحة تتحول إلى لغة غير مباشرة للضغط والتأثير، بعيدة عن الخطاب الرسمي المباشر.
في النهاية قد يظن البعض أن السياحة مجرد صناعة للترفيه، لكنها في يد الدول أداة لتشكيل الرأي العام العالمي
وصناعة صورة دولية محسوبة بدقة، مع قليل من الرمال البيضاء والكثير من الحسابات السياسية.
جريدة الأهرام الجديد الكندية
