بقلم : عـز تـوفـيـق
تمر مصر بلحظة تاريخية تشهد تحولاً جوهرياً في مسارها نحو غد أفضل تسوده قيم العدالة والمساواة وتتسع فيه مساحة المشاركة المجتمعية الفاعلة وفي خضم هذا التحول الكبير تبرز بعض التساؤلات حول تمثيل الأقباط
في مجلس النواب حيث نسمع أصواتاً تعبر عن أسفها لأن عدد الرجال الأقباط أصبح أقل من عدد السيدات
القبطيات وهذا الموقف يثير فينا جميعاً أسئلة عميقة تستحق التأمللنواجه أنفسنا بصراحة
ونتساءل ألم نرفع أصواتنا طوال السنوات الماضية مطالبين بمساواة المرأة بالرجل ألم نؤكد
في كل مناسبة أن الكفاءة هي مقياس التفوق
وليس نوع الجنس ألم نعمل معاً من أجل فتح المجال للمرأة المصرية كي تبرهن على قدراتها
وتظهر مواهبها إن العمل النيابي في حقيقته ليس صراعاً بين المرأة والرجل وليس سباقاً
على المقاعد بين الجنسين
بل هو وسيلة لتمثيل شرائح المجتمع المتنوعة ونقل همومها والدفاع عن مطالبها وعندما تصل المرأة القبطية
إلى مقعد برلماني فإن هذا يعد فوزاً للمبدأ الذي دافعنا عنه جميعاً وهو تكافؤ الفرصلقد كانت المرأة القبطية
عبر العصور سنداً قوياً للحفاظ على الهوية والكرامة وشريكة أصيلة في كفاح المجتمع من أجل الحرية
والعدالة الاجتماعية فهي الجدة التي صانت التراث والأم التي غرست المبادئ والابنة التي تجاوزت الحواجز
في طريق العلم والعمل وهي اليوم تظهر كفاءتها في الميدان السياسي والنيابيإن الاهتمام بكيفية التمثيل
ومستواه يجب أن يأتي قبل الاهتمام بجنس النائب فالمهم هو وصول صوت الأقباط بقوة
ووضوح والأحق بالتمثيل هو من يملك الفكر والقدرة على حماية مصلحة الوطن سواء كان رجلاً أو امرأة
إن نجاح المرأة في البرلمان هو نجاح للمجتمع كله فهو يدل على نضج المسيرة الديمقراطية
ويطلق طاقات جديدة ظلت معطلة لوقت طويل وهذا الإنجاز يجب أن يكون مصدر اعتزاز للكل رجالاً ونساءً
إن الذين يتألمون من تقدم المرأة ووصولها إلى مواقع قيادية إنما يقاومون في الحقيقة مبدأ المساواة الذي
يتحدثون عنه فالمساواة الحقيقية تعني أن نفرح لنجاح المرأة كما نفرح لنجاح الرجل
وتعني أن نقيم العمل بموضوعية بعيداً عن التحيزات الجنسية لنتعالى جميعاً فوق التقديرات
المحدودة ولننظر إلى المشهد الأكبر فمصر التي نريدها هي مصر التي تحتوي
كل أبنائها متساويين في الحقوق والمسؤوليات مصر التي تحترم الكفاءة
وتقدّر الجهد بغض النظر عن الجنس أو الدين أو الخلفية الاجتماعية
إن وجود المرأة القبطية في البرلمان يمثل خطوة على درب جمهورية جديدة تضع الجدارة فوق كل اعتبار
وهي خطوة تستحق منا كل التأييد والتقدير فإشراك المرأة في العمل السياسي ليس هبة من أحد بل
هو حق يكفله الدستور وتؤكده المواثيق العالميةفلنكن جميعاً عوناً لكل نائب يمثلنا بإخلاص
وأمانة ولنعمل معاً من أجل مصر قوية متحضرة تليق بماضيها العظيم وطموحات شعبها الكريم
جريدة الأهرام الجديد الكندية
