السبت , أبريل 20 2024
موسى الحمامى

كافور.. بقلم موسى الحمامى

موسى الحمامى

يعمل صباحا ليشرب الخمر ليلا ويشرب الخمر ليلا ليعمل صباحا فعمله لا يمكن أن يحتمل بدون شرب وشربه يحتاج لعمل. يستيقظ مع أذان المغرب, يتناول كوبا من الشاي ويدخن كل ما يمكن تدخينه راقصا بصمته على نغم مسجد قريب وبقايا التكبيرات القادمة من الجوامع البعيدة. ضخامته تسمح له بأخذ كل ما يريد دون ثمن ورغم ذلك كان يدفع محفظته وما فيها من أجل سكر اليوم ودخان غد. وعندما كان سائرا إلى منتجع الموتى كاد أن يقتل بسبب عمود الكهرباء الذي تخلى عن أسلاكه قاطعا الطريق بها, نجا من الموت بمعجزة لم يحمد الله عليها بل مضى دون أن تتغير ملامحه. صادفته طفلة سمراء بشعر أشقر وعينين لامعتين, اقتربت الطفلة منه ثم صرخت مرعوبة من ملامحه الشاحبة ووجهه المقبور الذي بدا أكثر رعبا لأنه نسي أن يلبس مناظره الشمسية فظهرت عينا كان يخفيها حتى لا يهرب الأطفال منه كما فعلت هذه الطفلة, أنزل وجهه للأرض لأنها الوحيدة التي تتقبله كونها رأت وجوها أقبح بكثير, سمعها تحدثه:
_أنا آسفة…
الأرض تبتلع الأجيال ولا تأسف فلمَ تبدي أسفها الآن؟ تردد الصوت مرة أخرى
_لا عليك, هي طفلة.
نظر لشفتيها مباشرة, التفت وراءه ظنا منه أنها تكلم شخصا آخرا, فلم يحدث وأن كلمته فتاة غير سيجارته. لم يرد عليها! فارقها بخطوات مسرعة وتلك الابتسامة عالقة في ذهنه…
وبعد نصف ساعة من التفكير والخطى المتعثرة وصل إلى مكان عمله وبدأ بتنظيف الناس من ذنوبهم بلا مبالاة؛ فالأموات لا يثيرونه وهو اعرف بهم كونه من عائلة ميتة. المكان الذي يعمل فيه قسمان يفصل بينهما باب صغير قسم للرجال وآخر للنساء وبالطبع فأن العاملين في كل قسم يجب أن يكونوا من جنس الأموات ذكورا أو إناثا. سمع صوتا يناديه من القسم الآخر:
_طارق طارق
_نعم
_تعال لتساعدني
_لا يجوز
ردت ضاحكة متأكدة من أن كل شيء جائز عنده:
_أنا وحدي, تعال بس شيلها وياي
اقتنع وفتح الباب الصغير ولضخامته ارتطم رأسه بأعلى الباب رغم أنه لامس الأرض بانحنائه. حمل معها الجثة وألقاها في التابوت بقوة, صرخت المرأة فيه
_للأموات حرمة
_أي أموات؟ أنا متأكد أن هذه العجوز ماتت كثيرا قبل اليوم, وأن كان للأموات حرمة كما تقولين فلم يسخر الجميع مني؟
_عجوز؟!هذه ست أسماء, المدرسة الجديدة… ماتت للتو بصعقة كهربائية بعد أن داست على سلك مقطوع لا يعلم أحد بوجوده.
أقترب طارق من الجثة, منعته المرأة من ذلك, قال لها:
_هي من أقاربي.
_طارق أنا اعلم جيدا أن ليس لك أي أقارب.
لم يكلمها, مد يده وفتح الكفن من جهة رأسها, رأى تلك الابتسامة من جديد, اقتحم قلبه حب ميت, اقترب منها أكثر, ملأت رائحة الكافور رئته, مرر لسانه عبر شفتيه, كانت المرأة تقف في ذهول, قبلها, صرخت المرأة بأعلى صوتها وهو ما زال واضعا شفتيه على شفتيها اليابستين, كسر أهلها الباب ودخلوا…صرخ الجميع من هول ما رأوه, حاول احدهم أن يبعده فانتشرت أسنانه على الأرضية بعد ما ضربه بيده الكبيرة, لم يتجرأ احد على الاقتراب فعاد ليقبلها من جديد, كان بين الجمع شرطيا هزيلا, يرتجف من الغضب والخوف, ركض احد أقاربها نحو الشرطي, أخذ مسدسه ثم وجهه نحو لطارق… رصاصة واحدة لم تكفي لإبعاد شفتيه العاشقتين, رصاصة ثانية وما زال مصرا… رصاصة ثالثة… ورابعة

 

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

لوبي باراباس الجدد ..!

لماذا لم يفكر هؤلاء الاشاوسه في نشر فيديوهات للأسقف مار ماري عمانوئيل ضد المثلية والبابا …

تعليق واحد

  1. كلمات تشد القارئ ..
    عاشت اناملك ..

اترك رداً على براء الزيدي إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.