السبت , مارس 15 2025
الكنيسة القبطية
البابا كيرلس السادس البطريرك رقم 116

البابا كيرلس السادس : الراهب العجائبي وقائد الكنيسة في زمن التحديات!

 د. ماجد عزت إسرائيل

في الذكرى الـ 54 لنياحته، أعتقد أن أفضل ما كتبته في حياتي هو المجلد الذي خصصته للبابا المصلي، العجائبي، القديس البابا كيرلس السادس. لقد عشت في سيرته وحياته، وتأملت في أعماله ودوره ومكانته، وعلاقاته سواء مع الشعب القبطي أو المصريين جميعًا، وحتى مع العربان والبدو الذين أحبوه بصدق.

رافقته في رحلته الروحية إلى أماكنه المقدسة، تسللت معه إلى حوش أبو علي، الطلحونة، دير مار مينا

وإلى البطريركية بالازبكية، كما تابعت سفرياته الرعوية إلى إثيوبيا، وعلاقاته الفريدة هناك.

ولم تكن رحلاته الخارجية فقط ذات تأثير، بل كانت رحلاته الداخلية الرعوية جزءًا أساسيًا من خدمته

حيث زار الكنائس والأديرة في مختلف أنحاء مصر، وحرص على رعاية أبنائه روحيًا وإداريًا

رغم التحديات الاقتصادية التي كان يعاني منها عامة الناس في ذلك الوقت.

 ولم يكن البابا كيرلس السادس مجرد قائد روحي، بل كان أيضًا مفكرًا وكاتبًا مؤثرًا، فقد ترك لنا العديد

من الرسائل الرعوية التي وجهها في أعيادنا القبطية، والتي حملت تعاليم روحية عميقة وتوجيهات حكيمة

تعكس حكمته ورؤيته الثاقبة.

من الأحداث التي ميزت فترة حبريته كان ظهور السيدة العذراء، حيث شهدت الكنيسة القبطية هذا الحدث المعجزي الذي أكّد قوة الإيمان ورعاية السماء.

أما علاقته بالرئيس جمال عبد الناصر، فقد كانت علاقة قائمة على الاحترام المتبادل والوطنية الصادقة

حيث دعمه في بناء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وسانده في العديد من القرارات الوطنية.

وعندما تنحى عبد الناصر بعد نكسة 1967، شعر البابا بحزن عميق، ولم يتمالك نفسه عند وفاته، فبكت الكنيسة كلها على رحيل قائد أحب مصر ودافع عنها.

ولم تكن هذه المشاعر مجرد عواطف، بل كانت نابعة من إيمان البابا بأصول الوطنية، فقد علمنا

كيف نحب وطننا حين أرسل رسالة دعم قوية إلى جنودنا في الجبهة، مؤكدًا أن الكنيسة تصلي من أجلهم ليعودوا بالنصر.

  أما على صعيد الكنيسة، فقد كان البابا كيرلس السادس إداريًا حكيمًا، عمل على تنظيم وإدارة الكنيسة

بحكمة وروح أبوية، ووطّد علاقته بأساقفتها، ساعيًا إلى ترسيخ الوحدة والتعاون بينهم.

لم يكن عهده خاليًا من التحديات، لكن بروحه الرهبانية الصلبة، استطاع أن يعمر الكنائس والأديرة في وقت

كانت البلاد تعاني فيه من أزمات اقتصادية، مما جعل الكنيسة في عهده نموذجًا للصمود والتجدد الروحي.

 وسيأتي اليوم الذي نتحدث فيه عن سبب كتابتي لهذا المجلد، فقد سألني كثيرون: كم من السنوات استغرق تأليفه ؟

كيف جمعت مادته العلمية ووثائقه النادرة ؟

وما قصة نشره ؟

حقًا، البابا كيرلس السادس هو أحد الرموز العظيمة في كنيستنا القبطية، وسيظل نموذجًا خالدًا للإيمان، الوطنية، والإدارة الحكيمة.”

شاهد أيضاً

عز توفيق

مساعدة الآخرين في صمت

وصية المسيح وقيمة العطاء الخفيمساعدة الآخرين في صمت هي واحدة من أسمى القيم الإنسانية التي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.