جريدة الأهرام الجديد الكندية
مقالات مشابهة
جيهان ثابت
في تاريخ الأمم لحظات فارقة تصنع مجدها وتحدد ملامح مستقبلها، ويظل السادس من أكتوبر عام 1973 هو اليوم الذي أعاد لمصر والأمة العربية كلها الكرامة والعزة بعد سنوات من الألم والانكسار.
ففي هذا اليوم المجيد، دوّت صيحات “الله أكبر” في سماء سيناء، معلنة ميلاد فجر جديد من الشجاعة والإيمان.
لقد جاءت حرب أكتوبر بعد ست سنوات من الصبر والإعداد عقب نكسة 1967، حين احتلت إسرائيل أرض سيناء.
لم يرضَ المصريون بالهزيمة، فبدأت مرحلة إعادة بناء الجيش بروح جديدة، يقودها الإصرار
على استرداد الأرض واستعادة الشرف.
وضع القائد أنور السادات خطته المحنكة، فكانت حرب أكتوبر نموذجًا فريدًا في التخطيط العسكري
والخداع الاستراتيجي، حتى فاجأت مصر والعرب العالم كله بالعبور العظيم.
عند الساعة الثانية من بعد ظهر يوم السبت 6 أكتوبر، دوّت المدافع المصرية لتبدأ معركة الكرامة.
انطلقت الضربة الجوية الأولى، تلتها موجات من الجنود المصريين الذين عبروا قناة السويس
تحت وابل من النيران، محطمين أسطورة خط بارليف الذي قيل إنه لا يُقهر.
استخدم المهندسون العسكريون خراطيم المياه لفتح الثغرات في الساتر الترابي، في مشهد يُدرّس
في الأكاديميات العسكرية حتى اليوم.
لم يكن ذلك نصرًا عسكريًا فحسب، بل كان نصرًا للإرادة والإيمان. قاتل الجندي المصري
ببسالة نادرة، مؤمنًا بأن الله معه، وأن أرضه تستحق التضحية.
وعلى ضفة القناة الشرقية، رُفع علم مصر عاليًا يرفرف فوق تراب سيناء، معلنًا أن الأمة التي تُهزم
قد تنهض، وأن الكبرياء لا يُدفن.
وانتهت الحرب بتغيير معادلات القوة في الشرق الأوسط، وفتحت الطريق أمام السلام
واستعادة سيناء كاملة.
كما أثبتت أن العقل المصري قادر على تحويل المستحيل إلى واقع، وأن قوة الإيمان والوطنية تتفوق على كل سلاح.
اليوم، وبعد أكثر من نصف قرن على النصر، يظل السادس من أكتوبر رمزًا للوحدة والعزيمة والتحدي.
فهو ليس مجرد ذكرى عسكرية، بل درس خالد في الوطنية والوفاء، يذكّر كل مصري
بأن هذا الوطن لم يُبنَ إلا بالتضحيات، ولن يُحفظ إلا بالعطاء والعمل والإخلاص.
