الجمعة , مارس 29 2024
الأقصر
حجاج نايل

حجاج نايل يرد على مقال انتخابات كندا والجالية العربية الكندية

ردا علي الصديق مدحت عويضة في مقاله المنشور اليوم بجريدة الأهرام الكندي بعنوان انتخابات كندا والجالية العربية الكندية

في البداية أود الإشادة بروح التسامح والمواطنة التي تضمنها المقال في توقيت أصبحت فيه هذه القيم والمفاهيم تجد صعوبة بالغة في استيعابها من جميع الأطراف لاسيما ما تعيشه دول المنطقة من حالة استقطاب حاد جدا علي المستويات الدينية والاثنية والعرقية والحقيقة هذا الاستقطاب لا يدع ثمة أمال أو تفاؤل حول مستقبل العلاقات المشتركة بين هذه الكيانات المتصارعة وربما كان نموذج أوربا التي مرت بكل هذه الصراعات حتي تخلصت تماما من الأرث والموروث الثقافي والديني والعقائدي وكأنها حتمية تاريخية أن يتفاقم ويتعاظم هذا الصراع إلي نهايته وبجميع الأحوال جميعا يحتاج وبشده لمثل هذه الروح والعقلية المتضمنة في مقال الصديق مدحت عويضة ولكن يبقي لي ملاحظتين جوهرتين في هذا الصدد أولهما ملاحظة شكلية قد لا تكون مقصودة من جانب كاتبنا وناشطنا مدحت عويضة الا وهي مصطلح الجاليات العربية الوارد  تقريبا بالمقال اكثر من خمس مواقع بما فيها العنوان نفسه

الحقيقة نحن لسنا جاليات عربية ولا أحب ولا أود ان يتم الاشارة لي باعتباري فرد من الجالية العربية بكندا نحن جاليات مصرية وسورية ولبنانية وفلسطينة وسوادنية الخ الخ

لكننا جميعا ناطقين بالعربية وجرت العادة في البحوث العلمية الرصينة أن يتم الاشارة لهذه المجموعات بانها الجاليات الناطقة بالعربية

وبالفعل فمن الناحية العلمية والثقافية الأرجح أن يتم الإشاره لهذه المجموعات بإعتبارها الجاليات الناطقة بالعربية في كندا وهذا فرق كبير جدا

فالجاليات العربية تعني ضمنا وتصريحا أننا من الناحية الاثنية والعرقية نحن عرب وهذا غير صحيح بالمرة

وتعني أيضا أننا ننتمي ثقافيا ووجدانيا وعلميا ومعرفيا للثقافة العربية وهذا غير صحيح أيضا

فنحن أبناء ثقافات ومعارف مختلفة ومتنوعة ولا يجب بحكم ما سمي بالفتح العربي أو الغزو العربي كما يحلو للبعض تسميته أن ننتجاهل او نتناسي اغفالا أو عمدا هذا الاختلاف وهذا التنوع ربما مع تحديد المصطلح بشكل أكثر دقة

الجاليات الناطقة بالعربية يعطي مساحات أكثر اتساعا في استيعاب هذا التنوع والاختلاف نفسه ومن ثم ليس كل الناطقين بالفرنسية هم فرنسيين وكذلك ليس كل الناطقين بالأسبانية هم أسبان والأنجليزية والألمانية وهكذا وتأكيد مثل هذا المصطلح من ناشط مثقف ومرموق مثل الصديق مدحت عويضة وجريدة مسئولة كالأهرام الكندي قد يحيلنا الي مناقب الثقافة والتاريخ الأكثر وهجا في ثقافات اندثرت وتم تجاهلها وأهمال عظمتها بسبب ثقافة شبة الجزيرة العربية

ولذلك يجب الدقة في المصطلحات والمفاهيم وأذا لم تتفق معي الجريدة والصديق مدحت في هذا التوجه فلا اقل من انني أؤكد في نهاية هذه الملاحظة أنني لست عربيا فأنا مصري وابن الثقافة المصرية لكني ناطق باللغة العربية

الملاحظة الثانية وهي الصراعات بين الأطياف المختلفة تحدثت وكأنها رأس بلا قدمين فتاريخ هذه الصراعات طويل وما يؤخذ عليك في المقال انك أغفلت أن هذه الصراعات هي انعكاس مباشر وحتمي ولحظي لما يحدث في داخل بلداننا من اضطهاد وتمييز وعنف وقهر وقمع تقوم به السلطات الحكومية والجماعات غير الحكومية ضد الأقليات الدينية او العرقية ولا اخفي عليك اندهاشي من منطق المقال الذي يلوم ويعاقب الضحايا بينما في ذات الوقت أنت من أكثر المؤيدين للجلادين والسفاحين الذين يعمقون ويرسخون لهذه الصراعات بشكل يومي فأنت مؤيد للنظام الحاكم ورأسه في مصر

وهو الذي يضطهد الأقباط ويتواطيء علي حرق كنائسهم وتشريدهم من قراهم ومنازلهم وخطف بناتهم وحرمانهم من الوظائف والمناصب العليا في البلاد والتعامل معهم باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية وتؤيد كل هذه الممارسات ومن ثم تأتي إلي كندا لتعاقب ضحايا ومظاليم هذه الأوضاع سواء كانوا ضحايا جسدا أو ثقافة فمن ذا الذي يصنع كل هذه الفتن بشكل يومي أنهم السيسي وحسن نصر الله وحميدتي في السودان وحماس في فلسطين والعدالة والحرية في المغرب وأمثله أخري كثيرة وأجمالا أرجو محاولة وضع أقدام لهذه الرأس الشاردة صراعات وفتن طائفية وتمييز ديني وكراهية غير مسبوقة

في تاريخنا فمن المؤكد أنها ستجد صدي قوي وممتد في جميع أصقاع الأرض بما فيها كندا فلا ينسجم يا صديقي تأييدك لأنظمة حكم تزرع وتحصد الفتن والمؤامرت والكراهية كل يوم وتحاسب ضحايا هذه الفتن في الانتخابات الكندية فالمرشحة المذكورة في مقالك هي ضحية أيضا والإسلاميين المتحالفين مع الليبرال هم أمتداد لأنظمة حكم سلفية ووهابية متخلفة وداعمة لكافة أشكال التمييز ضد المسيحيين وضد المرأة وضد الفقراء وضد ذووي الاحتياجات الخاصة وضد الأعراق المختلفة ( النوبة  – سيناء ) وكثير منهم عاني من الاضطهاد والتعذيب والتشريد في مجتمعات ديكتاتورية

في الختام أشكالية التعايش والتسامح بين الجاليات الناطقة بالعربية في كندا أشكالية كبيرة وضخمة جدا جدا لاسيما مع نزوح الالاف من دول المنطقة بثقافتهم غير المتسامحة والقائمة علي التمييز والكراهية ولابد وحتما أن يتدارك المجتمع الكندي والمسئولين فيه هذه القنبلة الموقوته قبل أن تنفجر

فزوجتي علي سبيل المثال لم تتعرض لانتقادات في طريقة لبسها او عدم ارتدائها الحجاب في مصر أكثر من هنا في كندا للأسف الشديد الجميع يتعامل مع هذه الإشكالية باستخفاف وسطحية بالغة هذا في حدود الجيل الأول القادم بهذه الثقافة أما عن الأجيال القادمة فكندا تتوهم أنها سوف تعلم هذه الأجيال ثقافة التسامح والمواطنة في المدارس وفي المجتمع وكندا لم تنتبه  إلي أن مشروب الكراهية والتمييز يتم تغذيته في المنازل كل يوم كثقافة مضادة او معاكسة ولنا الله جميعا

تحياتي

حجاج نايل

ناشط حقوقي مصري

كندا – اتاوا

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

تعليق واحد

  1. دكتور جورج لبيب

    أحسنت سيدى الناشط الحقوقى المصرى الأستاذ حجاج نايل ..كلمات من ذهب ووصف حقيقى دون رتوش ودون تزويق ..حياك اللة .

اترك رداً على دكتور جورج لبيب إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.